الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

في مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بمكة !

الذاكرةلا تخون ،وربما ذاكرتي السمينة فقط ، لا تخونني أبداً !
أذكر جيداً مستشفى الأمراض العقلية بمكة ، موقعها في منفى ،ومخطط لإنسان حق أن يفنى في ذاك المكان .
بداية لفظ مجنون لفظ لايعبر عن أي مرض لايوجد تعريف لهذه الكلمة لكنها نتاج عشوائي توارثناها واستخدمناها .
دخلت المكان أترقب والتعليمات جارية أن لا نفترق وأن المكان غير آمن ،دخلنا ، كالعادة أعين حراس الأمن تكاد تخرق أجسادنا الأنثوية البريئة الوجلة ، المكان يكتظ بالأعين ، دخلنا لايمكنك أن تتخيل المكان ، بلا أثاث ، وبلا حياة لو أردت ، صراخ وزغردة ، وآخرون نائمون ، أتتنا واحدة أتذكر إسمها نوف إن لم تخني الذاكرة ، تخبرنا أنها حافظة القرآن وأن كل مابها مجرد عين ، هي مدركة لمرضها وهذا في حد ذاته يريحك ، بريئة وعفوية جدا ، ربما لديها تأخر عقلي لكن لاتحتاج حالتها أن تبقى في المنفى ، لأتحدث قليلا عن المكان قبل أن أسهب عن الحالات، هو عبارة عن عمارة، الدرج مسور بحديد ، بالدور الأول قسم النساء ، شقة خاصة بهن ، يهيئ لك من هيئة العاملين هناك أنه من كثرة معاشرة المرضى ينتج شئ من غرابة الأطوار ، المكان غير مجهز للحياة أبدا ، كل واحدة تملك غيارا واحداً ، ومشطا واحدا يسري في شعورهن جميعاً والحالات المتطورة والصعبة كثيرة التهيج تختلط مع البسيطة التي تملك عرضاً بسيطا يحتاج لقليل من العلاج وتعود لحياتها الطبيعية ، هذا الخلط يؤدي لتردي الحالة ، وشهدنا حالة طالبة جامعية كانت متضايقة جداً من هذا الخلط وتخبرنا أنها صحيحة ولاداعي أن تُعامل كالطفلة وانها لاتستطيع النوم ليلا بسبب تهيجهم ، هذا خطأ فادح ولكن لايملكون خيار في هذه الصندقة الضيقة ، وهناك غرفة من غرف العزل الانفرادي ببلاط مكسر بطريقة مخيفة ، والحمام في وضع ردئ جداً ، غير صالح للاستخدام الآدمي ، أكثر حالة بكيت معها ، مريضة أتى أباها لزيارتها ولم تذهب له ، وحين رحيله دمعت عيناها ،وأكثر حالة لن أنساها المغرورة الجميلة التي رفض جميع صديقاتي التعامل معها ولكنني جربت حظي الذي بدا سيئا ودعيتها للجلوس معنا بينما صديقاتي يرتبن الأناشيد ، وكانت إجابتها حارقة أنهاتفضل أن لا أعود لمحادثتها أنا وفئة المطوعات وأنها ووالدها القاضي جاهزة لدهسنا تحت حذائها وانتم بكرامة ، لم اغضب منها ، تركتها بينما هي لم تتركني بنظرات الاحتقار والاستفزاز ، انها مريضة بجنون العظمة ، حين هممنا بالخروج ، سلمت عليها قلت مع السلامة ، ردت :أنت ماتفهمي ماعندك كرامة كم مرة اقولك لا تكلميني ترجعي ، خرجت وسط ذهولي ، هذا المكان لايرحب بالحياة ابدا لا طعام ولا لباس ولا حياة ولا اهتمام ، كل شئ في ذلك المكان غير صالح للحياة ، لكن لا أملك في أمري فطيرة ، فهل أملك في أمر مصحة شطيرة!

الأحد، 11 نوفمبر 2012

المرأة في بلدي !



المرأة في بلدي ليس كائن معطوب , بالرغم أنه حقه مغصوب , و السكوت عنه من ولاة الأمر بات شئ مطلوب .
المرأة في بلدي كيان لا يقتصر على البيت وتربية الأطفال , بل هي تربي وتقضي حوائج التربية , تخرج للسوق وحدها إن احتاجت ,تتعرض للتحرش من سائق التاكسي لتلقي بنفسها من السيارة وهي تسير ,  تعود المستشفى وحدها إن مرضت , تكافح في الحياة المسلوبة وحدها وهي موقنة بأنه لو اجتمع كل الكون على أن يصرفوا عنها سوء والله أراد بها خير فستبلغ ما الله بكاتبه .
المرأة في بلدي مكافحة جداً , بالرغم من أنهم يحرموها من حقها الشرعي في الموافقة والرفض  في تخطيط حياتها ,  تجدها تتمم بأنه لعل في ذلك خير , وتتوج لمراسيم كانت في عكس أحلامها , لكنها تأمل في أن تكون الحياة المنتظرة عكس الحياة السابقة التي لا تلبث أن تكون في جلسة نسائية تستشعرها من كلماتهن العميقة حزنا أن لكل واحدة منهن قصة فتخاف أن يأتي يوم وتملك قصة أخرى وملامح حزينة أخرى لا تشبه أحداً سواها , غلبتها قلة الحيلة فسكتت, وإن عادت تحمل لقب مطلقة , فلا تزال أن ينسب لها العار الذي يتناسى من يخاف اللقب أنهم السبب للزج بها ضمن هذه المتاهة .
المرأة في بلدي ذكية جداً , تصنع من الجراح عشا قابل للعيش , تجعل من الجحيم  جنة بأيديها الكرام , المرأة في بلدي متفوقة دراسياً , و سباقة وظيفياً للمراتب العليا لولا أن بعض القوانين تحرض إلى بقائها وعدم ترقيتها وتوقع الأفضلية للرجل  ,ولا نستغرب أن نسبة امتلاك النساء للحسابات الوظيفية أعلى بكثير الرجال , وفي مثل ذلك للسيارات و النفقة .
المرأة في بلدي تحتاج لأذان تسمع , وعقول تفهم , وأولياء أمور منصفون , عاقلون , في الدين يفهمون , لا تحتاج أن تكون ملكة أو حلوى مصنفة حسب كمية الانفتاح في عقلها وحجابها وتصرفاتها , لا تحتاج أن تكون وجها للتسويق في بضاعة ولا بهرجات كاذبة ينادى بها بعض المدعيين بتقديس المرأة , حتى لا أفهم مافائدة بطاقة الأحوال التي وجودها يلزم وجود معرّف يقول : نعم أنها (أختي , إبنتي ) وهذا يدفع بعض ضعاف النفوس من أولياء الأمور بإستغلال هذه النقطة لصالحه!
أتركو لهن حرية الإختيار , وصنع القرار , وأبعدوا عنهن  نسب العار , , ليتوج جيل ناصح واعي , لتنبت بذرة جيدة في هذا المجتمع المترنح فتياته بقلة حيلتهن  , دعوا لهن الحق في الحياة , دعوهن يخترن أن يكن مطلقات أو متزوجات أو أن يكن موظفات أو عاطلات أو مربيات , لا تخبروهن أنكم حرمتموهن من القيادة لأنهن ملكات لان لازال في دار هذه الملكة سائقين يتحرش بهن , وازنو جيدا بين الذي تحرموهن منه وتمنحوهن إياه .
وإن لم تفهموا , ولم تعقلوا , فلا تطمئنوا ولا تهدئوا , فهن قادمات لأجل حق , وصوت , وأمنية , وحلم مسلوب !
المرأة في بلدي مكافحات جدا ولكن لا أحد يدري , ولا أحد يشعر !

الاثنين، 18 يونيو 2012

كأس ثكلى!

(1)
إلى عاطفتي الثكلى! 
ألى قلبي اﻷحمق! 
إلى تلك اﻷنثى البلهاء داخلي! 
وبعد :
لم تكن تلك اﻷشياء التي وهبنا الرحمن إياها كنعم علاقة بأن تستهلك كنقم ترهق الحياة الصامدة فينا ، ولكن منذ حكمة مقدرة لها اﻷكوان كان من كتف اﻷمل يؤكل الألم ، ولأن الله لم يرد أن نخلق تائهين في هذه اﻷرض كان حق على الوجع بأن يهذبنا من أوطد الصمامات صلة لقلوبنا ولأن القلوب الملبدة بالغيم تمطر حزنا كان حقا على العيون أن تدمع وحق عليها البكاء كمراسيم تطهير لدنس الحياة. 

(2)
وﻷن اليتم كسر لا يلتئم ،فصبي من كأس يتمك رحمة تجلي لها أنوار عقلك وقلبك ومنذ تاريخ يشهد لك بذلك فخبئي الخيبة عن أعين المدينة لكيلا يمسك سوء وتنقلبي من الخاسرين. 

(3)
وﻷن الغربة لاتعني المكان ، رتبي أشلائك في دهاليز الحياة حينا،
وثبتي عضد الحياة وأطلقي زفير اليأس خلف خط اﻹستواء الذي لطالما أرهق به أساتذة الجعرافيا ﻹثبات أنه وهمي ولكن الخطوط الوهمية تبني التوقيت فلا تصدقي كذبة غرينتش الذي هرقط بها على العالم المجنون! 

(4)
وﻷن الحياة أصغر من حب وحرب وقتال ونزال وأمة معرضة للزوال ، خوضي بعين قلبك إلى تلك الرؤى التي مررت بها تلك العجوز بيدها على رأسك ولحنت نغمات صافيات من الحب اليابس في أرضك! 

(5)
وﻷن اﻷوجاع ياصغيرتي لاتلبث أن تفوح غطي قلبك عنهم ولثمي بعض عن بعض وأبصقي ثاني أكسيد اعينهم عنك! 

الخميس، 9 فبراير 2012

أيّ بُني !

أي بُني ! 
سأسجل لك نصي لأني أخاف عليك من قومي ولتعلم بأنك آت في قوم لايُعذر فيه الخطأ ولا يستأمن فيه الصديق وأعلم أنك لو فعلت خيرا لمئة عام وخطأت يومٌ واحد فإنك كتبت لنفسك الجحيم أو العذاب الأليم , فأعلم ياصغيري أنك مقبل على قوم يظهرون عكس مايبطنون ويقولون مالايفعلون , وتأمل الخير فيهم فإنك لا تهتدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء, ولا تزكي نفسك فيهم فأعلم أنه مهما عملت من صواب فستخطئ فعند الخطأ تب وأدعي الله أن لا يسلط عليك قوما يتتبعون الزلة فيظهرون العلة .
أي بني ! 
لا تخالط متسرعا ولا متشددا وأعلم أن دين الله الاسلام هودين الوسطية والرحمة ولاتكن من المغترين السفيهين فتضل وتشقى , وأستفت الله ولا تسفت الناس فيضلوك وإن أحتجتهم يتركوك وإن استغثتهم أغرقوك فلا تتحدث عما تجهله ولا تحرف ماتنطقه وأعلم أن حرائق الجهل موقودة على حواف الطرقات لترص الخيبات ,فأحذر بأن يمسو تفكيرك بسوء وأن يضلوك عن الهدي والنور . 

أي بني ! 
لاتعاير أخاك بذنبه فما أدراك ما أنت بفاعله , وأعلم أن أكثر الذنوب تبدأ من اللسان وطقطقات الأسنان , فأحذر أن تعتاد على أكل اللحوم ونهشها ,  واعلم أنه لاخير في قوم لاخير فيهم في أهلهم فصاحب نفسك وأهليك في الدنيا معروفا , واتق الله وأجعل بينك وبين موجبات عذابه وقاية , وأعلم أنني سأولدك في زمن يكون القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر . 
فلا تحمل نفسي ألم التفكير بك , والخوف عليك يافلذة كبدي ويا مخاض وجعي ! 

الثلاثاء، 31 يناير 2012

أرضٌ ملبدة !

وكيف تُشفى أرض ٌملبدةٌ بالعثرات سنين عددا , فَتحكي عن وطنٌ قابل لكل الأشياء الجديدة المليئة بالأنسجة المغرية لكنها خالية من رائحة أي عاطفة قابلة للإحتراق , وتفوح رائحة العبث والتمرد فتعود لتصقل ساكني القرية بتعاويذ لا تسمن ولا تغني من إعتراض . 
فطبيعة بشرية أصبحت تجر القوم على سياسة الإعتراض , فأعترض القوم حتى صغيرهم أبى أن يضبط منبه مدرستة على ماقبل الطابور بخمس دقائق , ونال كبير القوم من سيدهم ! 
فبطش الأعور بتصرفه للاصلاح بذات البين , وجال المريض يصلح جيبه حتى لا تسقط نظارته فلا يرى باب المستشفى فيفد إحدى كليتيه , بعد أن غاب المنطق على يد صعاليك لا يصدهم عن التفلظ المقيت أدبٌ ولا دين , فسقط إحدى شعب الايمان (الحياء )!
وأرهقت مدينتي بأبنائها وبلديتها وغبارها وأمطارها !
فلم ينادي عن حبها إلا أكتسب من ندائه صدى يخبره أنه أحمقٌ أعور , وأسودت الحسنات في أرضي وغابت كل مشاعر الإنتماء , فتسائلت هل يجب علينا أن نُحرم من الأشياء حتى نقدرها أكثر , لأن الأنسانية باتت مرتبطة بالتصنع فكلما كنت أكثر تصنعا ظفرت بعدد كبير من التابعين . 
وبينما أنا أنهي هذه السطور غردت إحداهن : (نحتاج إلى التخلص من مشاعرنا الضارة )وأجبت : ( الأسهل أن نتخلص منا )!